مــــاجـــــد عبــــــد الــلـــه .

بسم الله الرحمن الرحيم

التاريخ يصنعه قليلون..
ويكتبــــــه كثيرون..
ويقرأه ملايين البشــر..

وهناك شخصيات محددة عبر التاريخ صنعوا لأنفسهم ولمجتمعاتهم مجداً خالداً ما بقي الإنسان في شتى ميادين الحياة وحقول المعرفة..
والرياضة إحدى ميادين الحياة الهامة التي استحوذت على اهتمام كل سكان الأرض حيث أنجبت الكثيرين من المبدعين والمشاهير ممن تغنت بهم الجماهير ووسائل الإعلام لسنوات طويلة..
وقارة آسيا تسعد وتفتخر أن أنجبت لاعباً لكرة القدم جعل منها حديثاً لعشاق وصناع الكرة في القارات الأخرى.. لاعباً نقش أسمه بمداد من ذهب منذ أن وطأت قدماه أرض الملعب لأول وهلة..

ومن يقرأ ما كُتب في الماضي أو يشاهد ما صُور بالأمس أو يكتب عن أمجاد مشاهير على أثر رجعي ليس بأي حال من الأحوال كمن شاهد بعينيه وسمع بأذنيه وعاش الأحداث بقلبه ووجدانه لحظة بلحظة.
وأنا أعتبر نفسي سعيد الحظ إذ كنت واحداً ممن شاهد وسمع وترك لنبضات قلبه العنان لتستمتع وتعايش ذلك الفن الخالد ما بقيت الحياة..
فمن تلك اللحظة التي أوعز فيها اليوغسلافي بروشتش لذلك الشاب الفارع الطول للنزول لأرض الملعب في مباراة ودية لفريق النصر أثناء توقف الدوري الممتاز لموسم 1397هـ أمام الفريق الضيف الفتح المغربي.. إلى أن رفع كأس القارة الآسيوية في نهاية عام 1418هـ.. خاض ماجداً مئات المباريات المحلية والدولية هنا وهناك في شتى بقاع الأرض غرس خلالها بذور الحب وعزف الحان الطرب وألهب في كل حركة وتسديدة ملايين الأكف بالتصفيق..
نعم كانت تلك اللحظة هي البداية التي ومض البرق خلالها ليعلن عن قدوم الأمطار الغزيرة التي أغرقت الخصوم في كل مكان وزمان.. كانت تلك اللحظة هي انطلاقة الرمح الذي فتك بالمنافسين أين ما حل وارتحل لذلك سمي بالرمح الملتهب منذ خطواته الأولى في عالمه المشرق..
لم تكن الأهداف هدفه.. ولم تكن الهتافات مقصده.. بل كانت الكرة هي مبتغاه سجل أو لم يسجل أبدع أو لم يبدع..
لم تكن أهدافه والتي شبهت بزخات المطر هي فقط سر عشق الناس له.. كان كل شيء في ماجد يجذب محبيه إليه.. انطلاقاته.. تمريراته.. مراوغاته الأفعوانية.. تسديداته الرأسية المذهلة..ارتقاءاته المدهشة .. تمركزه وحسن قراءته للملعب في كل لحظات المباراة.. وأهم من هذا وذاك.. تواضعه الجم وأخلاقه الحميدة التي كانت مضرباً للأمثال في كل زمان ومكان.. كان دائماً ما يشعرك بأنه أقل من الآخرين..
كان يعرف أين يقف.. ويعرف متى ينطلق.. ويعرف جيداً في أي اتجاه يضع الكرة في المرمى.. كان يملك حساً كروياً لا مثيل له في الملاعب المحلية والعربية والآسيوية بل والعالمية..
من حقي وأنا شاهد على تاريخ ماجد منذ انطلاقة نجوميته عام 1397هـ وحتى توقف عن الركض في نهاية عام 1418هـ أن أعبر عن مكنونات نفسي في بضعة سطور أو أكثر قليلاً قبل الشروع في أرقام ماجد وتواريخه..
كنت في الطفولة أحب أن يستمر كل شيء على حاله دونما تغيير.. كنت أشعر بالحزن لفكرة وجود زملاء جدد في العام الدراسي الجديد طالما إني أعتدت على أبناء فصلي في هذا العام.. وكنت أشعر بالضيق كلما شارفت مسلسلة تلفزيونية على النهاية لأنني أعتدت على أبطالها وأحداثها.. وكنت أريد أن يستمر فريق النصر على تشكيلته دون تغيير لأن تلك التشكيلة هي من حصدت الكؤوس والانجازات لسنوات عديدة لدرجة أنني حفظت أسماء ومراكز لاعبو النصر وبدلائهم كما أحفظ اسمي.. لذلك لا أطيق فكرة غياب لاعب لأي سبب كان.. وهذا ما جعل فكرة غياب محمد سعد وخالد التركي وممدوح بن سعود أمراً محزناً..
هكذا كنت أفكر وأنا ولد صغير حينها..

ومن بين مئات التوثيقات وعشرات الشخبطات الطفولية التي كتبتها في التسعينات الهجرية سواء للنصر والكرة بشكل عام أو لأشياء كثيرة في الحياة وجدت الكثير مما يخص النجم الفلتة ولاعب آسيا الأول ماجد عبد الله قمت بصياغة الكثير منها في عام 1409هـ وأبقيت بعضها على حاله.

وهنا أختار شيء منها دون تغيير كمقدمة لهذا الموضوع:
" يوم السبت الساعة ست ونصف في الطايه ( الطايه هي سطح المنزل ):
خلاص انتهى الموسم أمس.. وأنا فرحان لأن الأهلي أخذ الكأس ما دام النصر ما قدر يأخذه..
السنة الماضية 1396هـ كانت أحسن.. وكل لاعبين النصر كانوا موجودين.. وكان الحكام كويسين..
السنة هذي فيه أشياء كثيرة تغيرت: ممدوح بن سعود ومحمد الهدياني وحسن أبو عيد غير موجودين.. وخالد التركي يبغى يروح يكمل دراسته في الخارج.. ومحمد سعد مصاب إصابات قوية.. والحكام ما أدري ليش السنة هذي غشاشين.. والملعب صار فيه لوحة كهربائية أول اسم كتبوه فيها محمد سعد في مباراة النصر والهلال في الدور الأول.. وصار التلفزيون يجيب مباريات ملونة.. العام الماضي كان التلفزيون أبيض وأسود..
يقولون أن درويش سعيد يبي يصير بدال حسن أبو عيد ويوسف خميس بدال ممدوح بن سعود وماجد عبد الله بدال محمد سعد.. بس محمد سعد موجود كيف يصير ماجد عبد الله بداله.. ؟. المفروض يصير محمد سعد رأس حربة وماجد عبد الله جناح أيمن..
يمكن ماجد عبد الله هو أحسن الجديدين لأنه يسجل أقوال ويلخبط الدفاع إذا مسك الكوره.. سجل في الوحدة هدف حلو وسجل في الشباب هدف وسجل في الأهلي هدف ممتاز شفت المباراة في التلفزيون لأن فيه مطر كثير.. وسجل هدف في الهلال ماشفته زين لأن الجمهور كان واقف.. وفي الكأس سجل في نادي هجر هدفين وسجل في النهضة هدفين بس كانت المباراة في الدمام ما شفتها.. وسجل في القادسية هدف في الدمام.. بس لو محمد سعد موجود مع ماجد كان سجل النصر أكثر.. ".
هذا نقل لما كتبته لنفسي في اليوم التالي لنهائي الكأس بين الأهلي والهلال والذي انتهى بفوز الأهلي 3 / 1 في يوم الجمعة الموافق 9 / 6 / 1397هـ.
إضافة:
" لا أخفي هنا ما شعرت به كمشجع من غضب شديد وحزن عميق وأنا ولد صغير لفكرة غياب كبير الهدافين محمد سعد واستبداله بلاعب آخر لأنني حينها كنت معتاداً على مجموعة معينة تمثل فريق النصر حققت الكثير من البطولات المتعاقبة والانتصارات المدوية في التسعينات الهجرية.. لذلك كنت أشعر بالأسف والحزن عند إجراء أي تغيير على خارطة الفريق.. وبالرغم أن ماجداً قدم مستويات ومهارات وأهدافاً أقرب للخيال والحلم من الواقع في موسمي 1397هـ و 1398هـ وخاصة مع منتخب الناشئين في تبريز. إلا أن الإعجاب بهذا اللاعب وصل إلى أقصى مداه في بداية عام 1399هـ وبالتحديد منذ عصر ذلك اليوم الذي سجل فيه ذلك الهدف السينمائي على شكل نصف ثمانية بالإنجليزي في مرمى إبراهيم اليوسف في الدقيقة الثانية من عمر المباراة من كرة ساقطة أساساً من الحارس الفذّ مبروك التركي..
ولأننا في المنزل لا نملك جهاز فيديو حينها لحداثة هذا الجهاز في البيوت.. إلا أنني ألححت على عمي ونحن عائدون من المباراة للذهاب لمحلات الفيديو في حي المربع ( حارة الأفلام ) لمشاهدة هذا الهدف المذهل الذي يدل بشكل قاطع على ما يختزنه هذا النجم الكبير من مهارات عالية لا يمكن أن تتوفر في لاعب آخر .. علماً أن هذه المباراة كانت سبباً في شراءنا لجهاز فيديو ".
وفي ذلك العام – دوري 1399هـ - غاب محمد سعد نهائياً لإصابته.. فكان ماجد عبد الله خير خلف لخير سلف.. ويكفي ما قدمه في دورة الخليج قبل هذه المباراة مباشرة في بغداد..".

مــــاجـــــد عبــــــد الــلـــه . 1

[size=9]ماجد عبد الله استطاع أن يعوض غياب محمد سعد بكل اقتدار وهنا لقطة للنجمين الكبيرين في دوري 1398هـ
[/size]